محمد بن ادريس الشافعي (150 هـ/766 م - 204 هـ/820 م). احد ائمة أهل السنة الأعلام و صاحب المذهب الشافعي.
إسمه و مولده و كنيته
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بنعثمان بن شافع بن السائب بن عبد الله بن عبد بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد منافبن قصي القرشي المطّلبي الشافعي الحجازي المكي يلتقي مع رسول الله صلى الله عليهوسلم في عبد مناف. ولد في سنة مائة وخمسين وهي السنة التي توفي فيها ابو حنيفة. ولدبغزة ، وقيل : بعسقلان, ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين.
سيرته
نشأ يتيمافي حجر أمه في قلة من العيش ، وضيق حال ، وكان في صباه يجالس العلماء ، ويكتب مايستفيده في العظام ، ونحوها ، حتى ملأ منها خبايا ، وقد كان الشافعي في ابتداء أمرهيطلب الشعر ، وأيام العرب ، والأدب ، ثم إتجه نحو تعلم الفقه فقصد مجالسة الزنجيمسلم بن خالد ، وكان مفتي مكة.
ثم رحل الشافعي من مكة إلى المدينة قاصداالأخذ عن أبي عبد الله مالك بن أنس رحمه الله ، لما قدم عليه قرأ عليه الموطأ حفظا، فأعجبته قراءته ، ولازمه ، وكان للشافعي رحمه الله حين أتى مالكا ثلاث عشرة سنةثم نزل باليمن .
واشتهر من حسن سيرته ، وحمله الناس على السنة ، والطرائقالجميلة أشياء كثيرة معروفة . ثم ترك ذلك ، وأخذ في الاشتغال بالعلوم ، ورحل إلىالعراق ، وناظر محمد بن الحسن ، وغيره ، ونشر علم الحديث ، ومذهب أهله ، ونصر السنة، وشاع ذكره ، وفضله ، وطلب منه عبد الرحمن بن مهدي إمام أهل الحديث في عصره أنيصنف كتابا في أصول الفقه فصنف كتاب الرسالة ، وهو أول كتاب صنف في أصول الفقه ،وكان عبد الرحمن ويحيى بن سعيد القطان يعجبان به ، وكان القطان ، وأحمد بن حنبليدعوان للشافعي في صلاتهما .
وصنف في العراق كتابه القديم ، ويسمى كتابالحجة ، ويرويه عنه أربعة من جلة أصحابه ، وهم أحمد بن حنبل ، ، وأبو ثور ،والزعفراني ، والكرابيسي .
ثم خرج إلى مصر سنة تسع وتسعين ، ومائة, وقيل: سنة مائتين ، ولعله قدم في آخر سنة تسع جمعا بين الروايتين ، وصنف كتبه الجديدةكلها بمصر ، وسار ذكره في البلدان ، وقصده الناس من الشام ، والعراق ، واليمن ،وسائر النواحي للأخذ عنه ، وسماع كتبه الجديدة ، ، وأخذها عنه ، وساد أهل مصر ،وغيرهم ، وابتكر كتبا لم يسبق إليها ، منها أصول الفقه ، ومنها كتاب القسامة ،وكتاب الجزية ، وقتال أهل البغي ، وغيرها .
امتاز الإمام الشافعي عن باقي الأئمة، بتدوينه كتب المذهببنفسه. كما أنه يعتبر عند جمهور المحققين، أول من كتب في أصول الفقه وشرحها. واعتنىبالقواعد الكلية أكثر من الفروع الفقهية، حيث يرى أن مالكاً أفرط في رعاية المصالحالمرسلة، وأبا حنيفة قَصَرَ نظره على الجزئيات والفروع والتفاصيل من غير مراعاةالقواعد والأصول. وقام بمصر بإعادة تنقيح كتب المذهب، كما أكثر فيها من مناقشةالخصوم بالحجج والبراهين. وحاول أقصى جهده أن يمزج بين مدرستي الحجاز والعراق .
ولعل أكثر من نشر مذهبه هو أبو العباس القاضي بشيراز، صنف نحو أربعمئة مصنف،ويلقب بالباز الأشهب، أخذ الفقه عن أبي قاسم الأنماطي وعن أصحاب الشافعي، كالمزنيوغيره، وعنه انتشر مذهب الشافعي في الآفاق. قال ابن خلدون في "مقدمته" (ص448): «وأما الشافعي، فمقلدوه بمصر أكثر مما سواها. وقد كان انتشر مذهبه بالعراق وخراسانوما وراء النهر، وقاسموا الحنفية في الفتوى والتدريس في جميع الأمصار، وعظمت مجالسالمناظرات بينهم، وشحنت كتب الخلافيات بأنواع استدلالاتهم. ثم درس ذلك كله بدروسالمشرق وأقطاره».
مصنفاته
كتابالأم
رسالة في أصول الفقه
كتاب القسامة
كتاب الجزية
قتال أهل البغي
سبيل النجاة
ديوان شعر
وفاته
توفي بمصرسنة أربع ومائتين ، وهو ابن أربع وخمسين سنة قال تلميذه الربيع : توفي الشافعي رحمهالله ليلة الجمعة بعد المغرب ، وأنا عنده ، ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم منرجب سنة أربع ومائتين ، وقبره بمصر وبنى على قبره القبة القائد صلاح الدينالأيوبي.
_________________
الإمام أحمد بن حنبل (164 هـ/780 م ـ 241 هـ/855 م) هو احد أئمةأهل السنة والجماعة و مجدد الاسلام في القرن الثاني
نشأته
هو أحمدبن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المزوزي ولد في بغداد وتنقّل بين الحجاز واليمنودمشق. سمع من كبار المحدثين ونال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة، حتى قال فيهالإمام الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ منابن حنبل".
وعن إبراهيم الحربي، قال: "رأيت أحمد ابن حنبل، فرأيت كأنّ اللهجمع له علم الأوّلين والآخرين من كل صنف يقول ما يشاء ويمسك عمّا يشاء". ولم يكنابن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا.
مذهبه
مذهبابن حنبل من أكثر المذاهب السنية محافظة على النصوص وابتعاداً عن الرأي. لذا تمسّكبالنص القرآني ثم بالبيّنة ثم بإجماع الصحابة، ولم يقبل بالقياس إلا في حالاتنادرة.
- منهجه العلمي ومميزات فقهه: إشتُهِرَ الإمام أنه محدِّث أكثر منأن يشتهر أنه فقيه مع أنه كان إماماً في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ منالقياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط وذلك لأنه كان محدِّث عصره وقد جُمِعَ له منالأحاديث ما لم يجتمع لغيره، فقد كتب مسنده من أصل سبعمائة وخمسين حديث، و كان لايكتب إلا القرآن والحديث من هنا عُرِفَ فقه الإمام أحمد بأنه الفقه بالمأثور، فكانلا يفتي في مسألة إلا إن وجد لها من أفتى بها من قبل صحابياً كان أو تابعياً أوإماماً. وإذا وجد للصحابة قولين أو أكثر، اختار واحداً من هذه الأقوال وقد لايترجَّح عنده قول صحابي على الآخر فيكون للإمام أحمد في هذه المسألة قولين.
وهكذا فقد تميز فقهه أنه في العبادات لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس منالمعقول عنده أن يعبد أحد ربه بالقياس أو بالرأي و كان رسول الله صلى الله عليهوسلم يقول: " صلوا كما رأيتموني أصلي "، ويقول في الحج: " خذوا عني مناسككم ". كانالإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده وهذاالحق لا يجوز مطلقاً أن يتساهل أو يتهاون فيه.
أما في المعاملات فيتميزفقهه بالسهولة والمرونة و الصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التيغلب عليها التيسير لا التعسير. مثال ذلك: " الأصل في العقود عنده الإباحة ما لميعارضها نص "، بينما عند بعض الأئمة الأصل في العقود الحظر ما لم يرد على إباحتهانص.
وكان شديد الورع في الفتاوى وكان ينهى تلامذته أن يكتبوا عنه الأحاديثفإذا رأى أحداً يكتب عنه الفتاوى، نهاه وقال له: " لعلي أطلع فيما بعد على ما لمأطلع عليه من المعلوم فأغير فتواي فأين أجدك لأخبرك؟.
محنته
اعتقدالمأمون برأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن، وطلب من ولاته في الأمصار عزل القضاةالذين لا يقولون برأيهم.
وقد رأى أحمد بن حنبل ان رأي المعتزلة يحوِّل اللهسبحانه وتعالى إلى فكرة مجرّدة لا يمكن تعقُّلُها فدافع ابن حنبل عن الذات الإلهيةورفض قبول رأي المعتزلة، فيما أكثر العلماء والأئمة أظهروا قبولهم برأي المعتزلةخوفاً من المأمون وولاته.
وألقي القبض على الإمام ابن حنبل ليؤخذ إلىالخليفة المأمون. وطلب الإمام من الله أن لا يلقاه ، لأنّ المأمون توعّد بقتلالإمام أحمد.
وفي طريقه إليه، وصل خبر وفاة المأمون، فتم ردّ الإمام أحمدإلى بغداد وحُبس ووَلِيَ الخلافة المعتصم، الذي امتحن الإمام، وتمّ تعرضه للضرب بينيديه.
وقد ظل الإمام محبوساً طيلة ثمانية وعشرين شهراً . ولما تولى الخلافةالواثق، وهو أبو جعفر هارون بن المعتصم، أمر الإمام أن يختفي، فاختفى إلى أن توفّيالواثق .
وحين وصل المتوكّل ابن الواثق إلى السلطة، خالف ما كان عليهالمأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد بخلق القرآن، ونهى عن الجدل في ذلك. وأكرمالمتوكل الإمام أحمد ابن حنبل، وأرسل إليه العطايا، ولكنّ الإمام رفض قبول عطاياالخليفة.
وفاته
توفي الإمام يوم الجمعة سنة إحدى وأربعينومائتين للهجرة ، وله من العمر سبع وسبعون سنة. وقد اجتمع الناس يوم جنازته حتىملأوا الشوارع. وحضر جنازته من الرجال مائة ألف ومن النساء ستين ألفاً، غير من كانفي الطرق وعلى السطوح. وقيل أكثر من ذلك.
وقد دفن الإمام أحمد بن حنبل فيبغداد. وقيل انه أسلم يوم مماته عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس ، وأنّجميع الطوائف حزنت عليه، وأنه كانت له كرامات كثيرة وواضحة.
فعن ابنه عبدالله، قال: رأيت أبي حرّج على النمل أن تخرج من داره، ثم رأيت النمل قد خرجت نملاًأسود، فلم أرها بعد ذلك.
وعن الإمام أبي الفرج الجوزي ، قال: لما وقعالغريق ببغداد سنة أربع وخمسين وخمسمائة وغرقت كتبي ، سلم لي مجلد فيه ورقات من خطالإمام أحمد بن حنبل .