أحكام التيمم
موجبات التيمم
السنة الشريفة :
1/ عن محمد بن حمـران وجميـل قـالا : قلنـا لأبي عبـد اللـه عليه السلام : إمـام قـوم أصابتـه جنـابة في السفر وليس معـه مـاء يكفيه للغسـل أيتوضـأ بعضهم ويصلي بهم ؟ قال : "لا، ولكن يتيمم ويصلّي بهم ، فإن اللـه عز وجل قد جعل التراب طهـوراً". (143)
2/ قال أبو امامة: قال رسـول اللـه صلى اللـه عليه وآله : " فُضّلت بأربع؛ جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأيما رجل من أمتي اراد الصلاة فلم يجد ماء ووجد الأرض، فقد جعلت له مسجداً وطهوراً ، ونُصرت بالرّعب مسيرة شهر (تسيـر بين يـدي) واُحلّت لأمتي الغنائم ، واُرسلتُ الى الناس كافة". (144)
3/ عن الحسين بن أبي العـلا قـال : سألت أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل يجنب
ومعه من الماء بقدر ما يكفيه لوضوئه للصلاة ، أيتوضأ بالماء أو يتيمم ؟ قال : "يتيمم ، ألا ترى أنه جعل عليه نصف الطهور". (145)
4/ روى علي بن سالم عن أبي عبد اللـه عليه السلام قـال : قلت لـه : أتيـمم وأصلي ثم اجد الماء وقد بقي عليّ وقت. فقال: "لا تُعد الصلاة، فان رب الماء هو ربُّ الصعيد". فقال لـه داود الرقيّ : أفـأطلب الماء يميناً وشمالاً ؟ فقال : "لا تطلب الماء يميناً وشمالاً ولا في بئر ، إن وجدته على الطريق فتوضأ منه ( به ) وإن لم تجده فامض". (146)
5/ روى زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت رجل دخل الأجمة ليس فيها مـاء وفيها طيـن مـا يصنع ؟ قال : "يتيمم فإنه الصعيد". قلت : فـإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضـوء . قال : "إن خاف على نفسه من سبع أو غيـره وخـاف فـوات الـوقت ، فليتيمم يضرب بيـده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي". (147)
6/ روى عبيد اللـه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل يمر بالركية (148) وليس معه دلو . قال : "ليس عليـه أن يدخـل الركيـة ، لأن رب المـاء هـو رب الارض فليتيمم". (149)
7/ قال صفوان: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج الى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء ، فوجد بقدر ما يتوضأ به بمأة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها ، أيشتري ويتوضأ أو يتيمم ؟ قال : "لا بل يشتري ، قد أصابني مثل ذلك فاشتـريت وتوضأت ومـا يسوؤني ( يسـرني ) بذلك مال كثير". (150)
8/ قال محمد بن مسلم: سـألت أبـا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب ، قال : "لا بأس بأن لا يغتسل يتيمم". (151)
9 / روى عبد اللـه بن سنان، عن أبي عبد اللـه عليه السلام ، في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل ، ويخاف إن هو إغتسل أن يعطش . قال : "إن خاف عطشـاً فلا يهريق منه قطرة ، وليتيمم بالصعيد ، فإن الصعيد احب إليَّ ". (152)
10/ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، عمّن سأله عن رجل أجنب فلم يقدر على الماء ، وحضرت الصلاة فتيمم بالصعيد ثم مرّ بالماء ولم يغتسل وانتظر ماءً آخر وراء ذلك فدخل وقت الصلاة الأخرى ولم ينته الى الماء وخاف فوت الصلاة . قال : "يتيمم ويصلي ، فإن تيممه الاول إنتقض حين مرّ بالماء ولم يغتسل". (153)
11/ قال سماعة: سألته (أي الامام المعصوم) عن رجل مرّت به جنازة وهو على غير وضوء ، كيف يصنع ؟ قال : "يضرب بيديه على حائط اللبن فليتيمم به". (154)
12/ عن أبي عبد اللـه ، عن آبـائه ، عن امير المؤمنين عليهم السلام . قال : "لا ينام المسلم وهو جنب ، ولا ينام إلا على طهور فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد فإن روح المؤمن تروح إلى اللـه عزو جل فيلقاها ويبارك عليها فإن كان أجلها قد حضر بعث بها مع اُمنائه من الملائكة فيردّها في جسده". (155)
13/ وروى اسحاق بن عمار أنه سأل الامام الصادق عليه السلام عن الرجل يكون معه أهله في السفر لايجد الماء أيأتي اهله؟ قال: ما أحب ان يفعل إلاّ أن يخاف على نفسه. فقلتُ: فيطلب بذلك اللذة، او يكون شبقـاً الى النساء؟ فقال: إن الشبق يخاف على نفسه. قلت: طلب بذلك اللذة. قال: هو حلال. (156)
تفصيل القـول :
عند التأمل في الآيتين (157) الواردتين لتشريع الوضوء والغسل والتيمم نجد : أن معيار تسويغ التطهر بالتراب بدلاً عن الماء ، الحرج من الحصول على الماء أو إستخدامه ، بسبب مرض يخاف به من الماء ، أو سفر يصعب معه الحصول عليه ، أو ضيق وقت . ولقد ألحق الفقهاء بهما المانع الشرعي من التطهر بالماء ، كما لو إستلزم الاعتداء على حق الآخرين ، او كان معه إستخدام آنية الذهب والفضة . وفيما يلي نستعرض فروع هذا المعيار :
1/ إذا لم يجد الماء الكافي للتطهر ( وضوءً او غسلاً ) ولو بأقل ما يجزيه ، بالرغم من طلبه . وجب التطهر بالتراب ، ويكفي ان يثق الانسان بعدم الماء ، سواء ببحثه الشخصي عنه ، أو بحث نائبه أو شهادة عدلين أو حتى عدل واحد ، ولا فرق بين بحثه عنه قبل وقت الصلاة أو بعده إذا بقيت الاحوال كما هي ، أما إذا بحث عن الماء فلم يجده ثم نزل الغيث واحتمل تجدد وجوده فعليه أن يطلبه مجدداً سواءً قبل الوقت او اثناءه. وعليه الا يبادر الى التيمم قبل اليأس عن الماء او ضيق الوقت ، ولو صلى به صحت صلاته إنشاء اللـه . ولا يجوز إضاعة ماء التطهر سواء قبل وقت الفريضة أو بعده، كما لا يجوز إبطال وضوئه على إحتياط . بلى لو علم أنه لا يتمكن من الاغتسال
عن الجنابة ، فدفعه الشبق الى المبـاشرة الجنسيـة ، فلا بـأس عليـه ، إنما يتيمم للصلاة .
ولو أتلف الماء أو لم يطلبه حتى ضاق الوقت أولم يسخنه لغسله في البرد أو ما أشبه فقد أخطأ وعليه أن يتيمم لصلاته وتجزيه إنشاء اللـه .
ويجب عليه ان يوفر الماء لنفسه بدفع ثمنه شريطة ألا يصيبه الحرج من ذلك .
2/ الخوف مسـوّغ آخـر للتطهر بالتراب . فلو خـاف ان يصيبه - باستعمـال الماء - ضرر جسمي معتد بـه حتى مثل الشيـن ( تشقق بشرة اليد وتشوهها ) يمكنه أن يتطهر بالتراب ؛ أما الضرر اليسير الذي لا يعتـد بـه فـلا يسـوغ التيمم .
ومن الخوف خشية المرض أو تزايده أو تطاول برئه .
أما من تحمل الضرر وتطهربالماء ، فالاحوط التطهر بالتراب أيضاً ، سواءً كان تحمله حراماً كأن يكون الضرر بالغاً أو لا .
3/ من خشي العطش سواء خشيه على نفسه ، أو على نفس أخرى ، بل وحتى على أي كبد حرى كالحيوان الأليف بل وغير الأليف فإنه يتيمم ولا يتصرف في الماء ، وحتى الكافر الحربي لو خاف عليه العطش فالأحوط سقيه الماء والتيمم للصلاة ، وكذلك المرتد وإن جاز قتلهما .
4/ لوضاق الوقت عن الطهارة المائية كفاه التيمم ، سواءً كان ضيق الوقت بعذر أو من دون عذر ، كما لو أخر - تهاوناً - الاغتسال لصلاة الفجر حتى اقترب طلوع الشمس ، ولو بقي من الوقت بقدر أداء ركعة واحدة مع الطهارة المائية ، فالأقوى صحة الصلاة بها . بل الأحوط إختيارها على التيمم حتى ولو أدرك به كل الصلاة في الوقت .
أما من لم يعرف هل يبقى وقت لصلاته إذا تطهر بالماء ام لا ، فالمعيار وجود الخوف من فوات الصلاة وعدمه ، فإن خشي فوتها يتيمم وإلاّ فلا .
وليعلم : أن الصلاة المفروضة عند ضيق الوقت ، هي أخف صلاة ، حتى السورة تسقط عند خوف فوت الصلاة .
5/ إذا استلزم من استعمال الماء ، إرتكاب محرم ، تيمم كما لو كان الماء في ملك الغير فلا يجوز إقتحامه من دون إذنه . كذلك لو كان في آنية ذهب أو فضة أو كان في جبهة الحرب بحيث لو خرج للوضوء من خندقه قتل ، أو ما أشبه .
6/ يستـحب ، لمن آوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضـوء ، أن يتيمم من دثاره إن تثاقل عن القيام للوضوء . كذلك يستـحب لمن رأى جنـازة يُصلى عليـها ، فـإن هو ذهب ليتـوضأ خشي ألاّ يدركها ، فيستحب له أن يتيمم ويصلي عليها .