أظهرت بعض الدراسات المتخصصة في متابعة الألعاب الأولمبية الصيفية أن سقوط الولايات المتحدة عن عرشها الأولمبي الذي دام طويلاً بات قريباً، وذلك في مقابل بزوغ العملاق أو التنين الصيني كما يحلو للبعض تسميته.
فمنذ الألعاب الأولمبية في أتلانتا عام 1996 فرضت الولايات المتحدة سيطرتها على الدورات اللاحقة بدون منازع، فيما تصارعت كل من الصين وروسيا وألمانيا على مركز الوصافة.
لكن هذا التفوق المميز لبلاد العم سام في أهم تظاهرة رياضية عالمية قد ينحسر ويتراجع أمام العملاق الآسيوي صاحب الأرض والضيافة الذي ينظم الألعاب للمرة الأولى في تاريخه، والذي لم يخفي رغبته بالتفوق على الولايات المتحدة وترجمة تنامي دوره الاقتصادي والسياسي في العالم وانتزاع لقب "القوة الرياضية العظمى في العالم".
إحدى من هذه الدراسات اجراها معهد بريطاني توقعت ظفر الصينيين بـ 46 ذهبية، وركزت هذه الدراسة على دور وأهمية تواجد الجماهير الصينية بأعداد غفيرة إضافة إلى فارق التوقيت بين الصين وبقية الدول الغربية وتحديداً المنافسة منها على الصدارة والذي سيصب في مصلحة أصحاب الأرض.
وفي حال صح توقع هذه الدراسة لناحية عدد الذهبيات (46 ذهبية) فهو بالتأكيد سيعطي امتيازاً كبيراً للصين كون الولايات المتحدة حصدت 44 و39 و36 ذهبية في أثينا وسيدني وأتلانتا على التوالي.
وقد اعتمدت الدراسة التي قادها فريق من المتخصصين في جامعة شيفيلد هام على رأسهم البروفسور سيمون سيبلي، على عدة معاير في سبيل ترشيح الصين وذلك لناحية الأموال الطائلة التي صرفتها الصين على برامج تحضير وتطوير إمكانيات رياضيها إضافةً إلى إحصائيات كثيرة تأخذ بعين الاعتبار الميداليات الفضية والبرونزية التي فاز بها الصينيون في الدورات الأولمبية الصيفية الماضية. كما راقب الباحثون البريطانيون أيضاً في دراستهم الرسوم البيانية لجهة تطور مستوى الصين منذ ألعاب سيول في العام 1988 (المركز الحادي عشر برصيد 5 ذهبيات) وصولاً إلى أثينا (المركز الثاني برصيد 32 ذهبية).
وفي الحقيقة إن معظم الدول تعتبر المحافظة على موقعها وعلى عدد الذهبيات التي نالتها سابقاً إنجازاً كبيراً ذلك أن المنافسة تصبح أصعب كل أربع سنوات كون عدد الرياضيين المشاركين آخذ في الارتفاع إضافةً إلى دخول ألعاب جديدة لم تكن مصنفة أولمبياً, فكيف إذ استطاعت الصين مضاعفة غلتها من الذهبيات بين أولمبياد برشلونة (1992- 16 ذهبية) وأولمبياد أثينا (2004- 32 ذهبية)؟ إنه بالفعل حدثاً استثنائياً لا مثيل له.
ولكن المسؤولين الصينيين ما زالوا يحتفظون بأقدامهم على الأرض ولم يبالغوا كثيراً بالتحدث عن كونهم سيحتلون المركز الأول في الأولمبياد القادم ذلك أنهم يدركون تماماً صعوبة الإطاحة بالأسطول الأميركي، وقال نائب وزير الرياضة الصينية سيو دالين في هذا الصدد:" علينا أن نكون واقعيين، مهمتنا الأولى هي الحفاظ على المركز الثاني ونتوقع منافسة شرسة من روسيا، وفي حال استطعنا خطف المركز الأول فهذا سيكون رائعاً".
وأضاف سيو: "تنصب جهودنا حالياً على تنظيم أولمبياد راقي يظهر الوجه الحقيقي للحضارة الصينية المتجزرة بالتاريخ".
وفي دراسة أخرى أجرتها شركة "برايس وتر هوس كوبرز" المستشار الرسمي للجنة العليا المنظمة لألعاب بكين، أظهرت أن الصين قد لا تتفوق على الولايات المتحدة لناحية عدد الذهبيات ولكن لجهة مجمل عدد الميداليات (ذهبية – فضية – برونزية) التي توقعت الدراسة بلوغها 88 أي بزيادة 25 ميدالية عن أولمبياد أثينا مقابل 87 ميدالية للولايات المتحدة التي حصدت عام 2004 (102) ميدالية.
كما اعتبرت الدراسة أن السباحة وألعاب القوى في الولايات المتحدة سيشكلان الفارق الأكبر بينها وبين سائر الدول، وفي حال إخفاق أحدهما سيكون الأمل كبيراً بمشاهدة بزوغ قوة عظمى جديدة في الرياضة العالمية.
وعلى الرغم من تفوق الصينيين وشبه حسمهم لذهبيات كرة الطاولة والريشة الطائرة والجمباز إلا أن على رياضيها في باقي المسابقات التفوق على ذاتهم في حال أرادوا انتزاع الراية من الولايات المتحدة.