لن أتفاءل بعد اليوم بأن فرنسا ستحقق بطولة واحدة، حتى وإن كانت صغيرة، بل أنها لن تنافس على شيء بعد اليوم، ولم أتوصل لهذا الاستنتاج إلا بعد أيام فقط من خروج فرنسا المذل من الدور الأول لبطولة أمم أوروبا، رغم أنني كنت أشكُّ في ذلك مسبقاً، لكنني الآن متيقّنٌ تماماً.
نعم، انتهى العهد الذهبي لفرنسا، ولم يبقَ لها سوى التاريخ، الذي لم يكن لها اليد في صنعه، بل نقشته في صفحات الزمان يدُ لاعب واحد فقط، حتى شعرنا أن منتخب فرنسا بدونه جسدٌ بلا روح.
زين الدين زيدان، صانع أمجاد الفرنسيين، والأب الروحي لكرة القدم الفرنسية، الذي أنسى الجماهير إبداعات ميشيل بلاتيني، بل أن شهرته طغت على شهرة فرانسوا ميتران وجاك شيراك وحتى ساركوزي حديث العهد، فهؤلاء لم يجعلوا فرنسا تحتضن كأس العالم كما فعل زيدان، ولم يجعلوا منتخب فرنسا يكسر شوكة أسياد العالم (البرازيل) منذ نهائي كأس العالم 1998وحتى الآن، ولم تكن لديهم القدرة على إسعاد جميع الفرنسيين لسنوات عدّة، فكل ذلك صنعه زيدان ولم يصنعه أحد غيره.
وبالعودة إلى البطولات التي لعبتها فرنسا في عهد زيدان، لا ينكر أحد أنه صاحب اليد الطولى في إحراز لقب كأس العالم 98 برأسيتيه الشهيرتين في مرمى البرازيل، وما لبث أن تُوِّجَ بعدها بلقب أمم أوروبا 2000، ثم بلقب كأس القارات عامي 2001 و2003م، ووصوله إلى نهائي كأس العالم 2006م، حتى أن خسارته للقب جاءت بعد خروج زيدان بالبطاقة الحمراء إثر عراك شهير مع الإيطالي ماتيراتزي، الذي لم يلمه أحد عليه.
وإن طاب لكم السؤال عن كأس العالم 2002م، فأعتقد أنكم تذكرون أن الإصابة حرمت زين الدين زيدان من لعب أول مباراتين لمنتخب بلاده في الدور الأول، فخسر الأولى وتعادل في الثانية، ونزل في الشوط الثاني من المباراة الثالثة رغم آلام فخذه، لكن بعد فوات الأوان وخروج فرنسا، أما إن سألتم عن زيدان في بطولة أمم أوروبا في عام 2004م فلا أعتقد أن خروجه مع فرنسا من الدور ربع النهائي إلا سوء طالع، أو كبوة جواد، رغم أن فرنسا لم تكن سيئة في تلك البطولة.
نعم، زيدان ظاهرة كروية لن تتكرر، لا في فرنسا، ولا في أوروبا، ولا حتى في العالم، فهو لاعب من طينة الكبار أمثال مارادونا، بيليه، وكرويف، وإذا ما أردتم مني أن أصنف أعظم اللاعبين في العالم فسأقول: مارادونا، زيدان، بيليه، وكرويف.