www.omaralmulki.mam9.com

أكمام الورد 77640111
عزيزي الزائر نرحب بك في منتدانا و نتمنى لك قضاء وقت ممتع و مفيد
انت غير مسجل لدينا تواجدك معنا يشرفنا
فسجل وستجد المفاجئات.
أكمام الورد Load10
www.omaralmulki.mam9.com

أكمام الورد 77640111
عزيزي الزائر نرحب بك في منتدانا و نتمنى لك قضاء وقت ممتع و مفيد
انت غير مسجل لدينا تواجدك معنا يشرفنا
فسجل وستجد المفاجئات.
أكمام الورد Load10
www.omaralmulki.mam9.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.omaralmulki.mam9.com

.ılı. { www.omaralmulki.mam9.com } .ılı.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء

نرحب بجميع أعضاء المنتدى الكرام ونتمنى قضاء أسعد الأوقات معنا


 

 أكمام الورد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
bibiche10
عضو نشيط
عضو نشيط
bibiche10


نوع المتصفح : أكمام الورد Explor10
الدولة : أكمام الورد 2hxc3610
المشاركات المشاركات : 97
معدل تقييم المستوى معدل تقييم المستوى : 261
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 28/12/2009
أكمام الورد 8vuutv10

أكمام الورد Empty
مُساهمةموضوع: أكمام الورد   أكمام الورد Icon_minitime1الأربعاء ديسمبر 30, 2009 12:30 pm

أكمام الورد..

المطر

مطر.. مطر.. مطر..
لكنه لم يكن مثل مطر الحلم.. رخياً.. رقيقاً.. هادئاً.. يداعب الأرض إذ يلامسها كأنامل ناعمة تُذْهِبُ الوجع إن مست مواضع الألم.. كان شيئاً غير هذا.. إذ انشقت السموات السبع لتتدفق منها سيول من المطر تزاحمها حباتٌ بلورية من بَرَدٍ يتهاوى بغير ما اتساق، وسط سُدْف من دخان وأبخرةٍ تتراوح ما بين صفرةٍ كامدة وزرقةٍ باهتة تُجلل الكون كله.. حتى إن مدى الرؤية ما كان ليزيد عن أمتار معدودة.. خمسة أو ستة..
ماسحات المطر لم تكن قادرة على أن توفر لأم سعد مجالاً مريحاً للرؤية.. إذ لم تكد تزيل شلالاً من المطر المتدفق من الأعالي على زجاج العربة الأمامية.. حتى يغطيها سيل جارف آخر قبل زوال ما سبقه.. المياه في نهر الشارع راحت تعلو وتعلو.. حتى إنها خشيت أن تندفع داخل العربة نفسها أو داخل حجرة الماكنة فتوقف المحرك عن العمل.. كانت مخاوفها تزداد حدة كلما مرت الدقائق خشية أن تتحطم الزجاجة الأمامية أو الخلفية بفعل البَرَد.. كان حجم الصغيرة منه لا يقل عن حجم بندقة.. وكل ما كان يشغل فكرها وقلبها أن تصل المدرسة لتعود بسعد إلى البيت وتنقذه من عصف الريح.. هزيم الرعد.. ومن البَرَد والمطر.. فالأولاد البنات، كانوا بعد انتهاء الدوام.. يتكدسون على رصيف الشارع في انتظار ذويهم ليعودا بهم إلى بيوتهم.. ولم تكن توجد هناك سقائف أو مظلات تحميهم من شمس الصيف اللاهبة أو المطر..
انطلق سعد مع جموع الأولاد والبنات نحو بوابة المدرسة فالشارع.. تطلع حيث اعتادت أمه أن توقف سيارتها.. لكنها لم تكن هناك.. أمعن النظر جيداً في صفوف السيارات المتراصة التي جاءت لالتقاط الأطفال.. لم تكن بينها سيارة أمه الرمادية.. اندفع الأولاد، فرادى أو جماعات، نحو السيارات.. وسرعان ما اختفوا داخلها.. لتنطلق مختفية وسط البَرَد والريح والمطر.. أما من كانت بيوتهم قريبة من المدرسة، فقد اندفعوا راكضين وهم يحاولون الاحتماء بحقائبهم من انهمار المطر.. لم يبق هناك أحد سواه.. وطارق وشقيقه سامر الذي كان في المدرسة المتوسطة المجاورة.. كانا يقفان بجانبه، وقد انكمشوا جميعاً على ذواتهم، في انتظار أميهما..
كان سعد حائراً.. لمَ لم تأت أمه.. ماذا حصل؟ وفي مثل هذا الجو العاصف.. أيمكن أن تتركه تحت الريح والمطر؟ ظل يتطلع نحو الجهة التي تأتي منها أمه بسيارتها..
كانت سميرة عادة تسبق موعد انصراف التلاميذ.. إلا أنها اليوم تأخرت عن الموعد بسبب خلل أصاب سيارتها وهي في الطريق إليه.. كان عليها أن تأخذ سيارة أجرة كي تأتي بمصلح لإصلاح الخلل.. وقد استغرقت تلك العملية ما يزيد على نصف ساعة من الزمن..
حين غادرت سميرة البيت صباح ذلك اليوم.. لم تكن السماء تنذر بشيء مما حصل عند الظهر.. أوصلت سعداً إلى مدرسته قبل أن تذهب إلى المكتب حيث تعمل.. أما هناء فكانت جدتها هي التي تقوم عادة بإيصالها إلى المدرسة والعودة بها إلى البيت ظهراً.. حقاً.. كانت هناك غيوم تتجول في الأعالي.. كان بعضها يضرب إلى اللون الأبيض فيما كان الآخر يكتسي ألواناً رمادية متفاوتة الدرجات.. تزين حواشيها حافات وردية ملتهبة.. كانت السماء تبدو، بغيومها تلك.. وألوانها المتناغمة وهي تسبح في الأعالي.. كأجمل ما يمكن أن تكون عليه لوحة فنية يزيد من الإحساس بجمالها نسماتُ عذاب تداعب الوجوه وشعور النساء في ذلك الصباح الجميل.. ولم يكن ثمة ما ينبئ أن عاصفة هوجاء كانت في الطريق إلى سماء بغداد.. حاملة معها غيوماً حبلى بأثقال من مطر عجزت عن أن تستبقيه على أجنحتها فأنزلته مدراراً مصحوباً بِبَرَدٍ لم يسبق لأهل بغداد أن رأوا مثيلاً لـه.. إلا ما روته الأساطير.. وما زاد الأمر رهبة.. أن ذلك كان مصحوباً بصفيرٍ يشبه فحيح الأفاعي.. ولم يكن أحد من الناس قادراً على تفسير طبيعة ذلك الصفير الغامض فيزيل عن القلوب ما استبد بها من مشاعر الخوف والقلق...
حين أغلقت المدرسة أبوابها.. لم يكن أحد يتصور أن ما ستأتي به الدقائق القادمات.. زلزال سماوي.. هكذا كان الوضع تماماً.. زلزال هز السموات السبع فراحت ترتج بغيوم داكنة تسعفها ريح صرصر.. تسوقها حيث تشاء.. توارت الشمس.. وساد الكون ظلام لم تعهده الأيام في مثل ذلك الوقت
من النهار..
التصق الأولاد الثلاثة ببعضهم.. كان سعد يرتجف من البَرْد.. انتفض كديك يندفع نحو حلبة الصراع للمرة الأولى في حياته بعد أن بلغ سن الصراع عقب نظام تربوي صارم أولاه إياه مربيه.. لكن ما اعترى سعداً لم يكن زهواً كذاك الذي يذكي الكبرياء لدى ديك الصراع.. بل كان جزعاً حين لطمت وجهه هبة ريح باردة حملت معها حفنة من البَرَد.. تكور على نفسه.. التصق بسياج المدرسة.. أملاً في أن يوفر لـه ذلك حجاباً مستحيلاً يقيه ضربات الريح والمطر.. حاول، بيديه، تفادي البَرَد الذي كان يتهاوى بشكل عشوائي.. ضارباً رؤوس الصغار الثلاثة، دون اعتبار لهشاشة تلك الرؤوس.. انتزع حقيبة كتبه من كتفه.. رفعها فوق رأسه.. دون أن يوفر لـه ذلك ما يتمنى.. فالمطر والبَرَد كانا يتساقطان من كل الاتجاهات.. كما تتلاعب بها ريح متحولة الاتجاه.. قاربت في عنفها وشدتها إعصاراً..
تلفت حوله بحثاً عما يمكن أن يمنحه أملاً جديداً.. لاحت من بعيد سيارة رمادية. خالها سيارة أمه آتية معها بطوق النجاة.. لكن ما جاءت به تلك السيارة لم يكن أملاً جديداً.. بل خيبة جديدة.. كانت سيارة أم طارق.. جاءت لتلقط ولديها.. لكنها لم تشأ أن تترك سعداً وحده وسط العاصفة.. بعد أن اندفع طارق وسامر في جوف السيارة.. نادته:
ـ سعد.. تعال معي.. سأوصلك معنا إلى البيت..
ـ لكن ماما ستأتي..
ـ قد تتأخر..
ـ لا.. لن تتأخر.. إنها الآن في الطريق.. وإذا لم تجدني.. ما الذي سيحصل لها؟!
ـ إذن.. تعال واجلس في السيارة.. سننتظرها ريثما تأتي..
لم تكد أم طارق تتفوه بذلك.. حتى بانت من بعيد سيارة أم سعد..
ـ إنها قادمة.. أجل أنها قادمة.. شكراً لك يا خالتي..
كان سعد مبتلاً من رأسه حتى أخمص قدميه.. حتى ملابسه الداخلية كانت مبتلة.. كان يرتجف من البَرْد والخوف خشية ألا تصل أمه.. لكنها وصلت أخيراً.. فتحت باب السيارة بسرعة.. ونادته.. اندفع نحوها والماء يقطر من وجهه ومن رأسه.. من ملابسه وحقيقة كتبه..
حمدت الله أنها وصلت وأنقذته من الانتظار في ذلك الجو العاصف..
كاد سعد يبكي وهو يسأل:
ـ ماما.. لِمَ تأخرت؟.. كدت أموت..
ـ إنها السيارة يا حبيبي.. لقد توقفت في منتصف الطريق.. كان لابد من إصلاحها كي أستطيع الوصول إليك.. لقد اضطررت لتركها في الشارع ورحت أبحث عمن يصلها.. لحسن الحظ وجدت واحداً.. وبعد أن انتهى من إصلاح ما بها.. كان علي أن أعيده إلى الورشة التي يعمل فيها.. ثم آتي إليك.. آسفة.. حبيبي.. آسفة على هذا التأخير..
ـ كاد البَرَد يحطم رأسي..
ـ آسفة يا حبيبي.. دعنا نسأل الله أن يوصلنا إلى البيت سالمين قبل أن يزداد الوضع سوءاً.. أو أن تتوقف السيارة مرة أخرى..
ـ هل قال المصلح أنها ستتوقف ثانية؟
ـ لا.. لا.. لم يقل.. ولكن في جو كهذا.. أي شيء يمكن أن يحصل..
ـ ماما.. هناك كمية من الماء في السيارة..
ـ أعرف.. لقد دخل الماء عند فتح باب السيارة حينما كان المصلح يصلحها..
تطلعت إليه بزاوية عينها دون أن تلتف إليه..
ـ أنت مبتل يا سعد..
ـ حقاً.. لقد انتظرت طويلاً تحت المطر.. وأنت كذلك..
ـ وكتبك؟ ألم تبتل؟
ـ لا أدري.. لكني أحكمت غلق الحقيبة.. لا أدري إن كان قد دخلها شيء من ماء المطر حين وضعها على رأسي..
ـ سنرى حين نصل البيت..
كان أول شيء فعله سعد بعد وصولهما البيت أن فتح الحقيبة ليطمئن على كتبه.. ولحسن الحظ أنها بقيت سليمة ولم يصلها شيء من ماء المطر.. أما أمه فكان أول ما فعلته هو أن ساعدته على خلع ملابسه المبتلة وإبدالها بأخرى جافة.. لتقوم هي بعد ذلك باستبدال ملابسها التي أصابها البلل حينما كانت في انتظار تصليح الخلل الذي أصاب سيارتها...





شهادة أم سعد..


قالت أم سعد:
لي ابن جميل المحيا.. يعلو خده الأيسر خال أسود يتناغم ولون بشرته الخمرية الملتهبة فيزيد حسناً وبهاءً.. وأسفل الخال لـه غمازة في كل خد
من خديه..
قبل أن يجيء لدنيانا بيوم أو اثنين.. وفي ليلة قائظة من ليالي الصيف رأيت في ما يشبه الرؤيا أو الحلم.. صبية خضراء العينين فاتنة الوجه كنجمةٍ وسط هالةٍ من شعر فاحم اختفى ليلتها القمر في المحاق.. يزيدها حسناً خال أسود يعلو وجنتها اليسرى.. حلوة الكلام قالت: ((خالتي.. ابنك سيكون سعيداً.. فلا تبخلي عليه باسم جميل يكون لـه تميمة تحرسه العمر كله من عيون الحاسدين والحاسدات.. ويمنحه بارقات من سعادة لا تعلوها سماء..)) قلت لها وأنا أنظر مبهورة في بهاء وجهها الذي كان يتضوع عطراً ربيعياً: إن في قولك يا بنيتي فألاً حسناً.. خبريني: بم أسميه؟ قالت: ((الرأي يا خالتي رأيك.. والقول قولك.. فأنت أمه وأنت التي ستسمينه)) قلت لها: ((أ أسميه سعداً؟)) قالت: ((ورب الكعبة ليس هناك من اسم أكثر حلاوةً وسعداً.. كرقية تحميه.. مثل أكمام الورد.. من رهام المطر..)).
وانتفضت من نومي.. ما كنا أنا وأبوه قد اخترنا لـه اسماً.. حكيت لأبيه ما كنت رأيته في الحلم أو الرؤيا.. قال: ((والله.. إنه لاسم جميل.. قد يجلب لوليدنا الآتي.. حظاً وفيراً من السعادة.. كما قالت صبية الحلم)) وسميناه، حين جاء لدنيانا، ((سعداً)) وكان حقاً طفلاً سعيداً.. أحببته أنا.. وأبوه أحبه أيضاً.. وهناء ما كانت لتصبر على فراقه.. وفي كل يوم وليلة.. كان يزداد ألقاً وجمالاً وهو ينمو ويكبر مثل زهرة من زهور الشمس..
كان يبتسم.. يكركر.. يناغي كهديل حمامة بيضاء.. ترفرف يداه مثل جناحي طائر ولهان.. يتطلع فيَّ ونجوم بارقة تتلألأ في سواد عينيه.. يرفس الهواء بساقيه.. وإن بعدت عنه يناديني مناغياً.. يرفع رأسه.. يمد يديه يريد النهوض قبل أن يستقيم لـه عود.. وهو بعد في شهره الرابع.. ومثل زهرة الشمس يدير رأسه معي أينما رحت وحيثما أتيت..
مرة.. قالت لي جارتي أم طارق، وكنت وإياها نتبادل الزيارات متى كان لدينا وقت نتناول فيه قهوة الصباح: ((أبنك هذا، ليحرسه الله، طفل ليس كغيره من الأطفال..)) كانت تداعبه، فيستجيب لها.. قالت: ((سيكون أعجوبة الزمان.. إنه والله سيمسك القمر بكفيه ويبلغ النجوم في سمائها.. ألا فاشهدي، في قابل الأيام.. إني قلت لك هذا، في يوم من الأيام الماضيات.. لا تنسي!!)) فقلت لها مازحة: ((امسكي الخشب)).. فضحكت ضحكة نبعت من أعماق أعماق قلبها.. وقالت: ((أتعلمين؟ أنني لم أضحك مثل هذه الضحكة منذ زمان..)) فقلت لها: ((لتكن إذن.. أيامك كلها ضحكاً ينبع من أعمق أعماق الفؤاد...)).



كان سعد حين يشعر بالجوع.. لا يبكي مثل بقية الأطفال.. كان يرفع يده اليمنى.. يفرد كفه كجناح عصفور ثم يضمه.. ويستمر في الرفيف حتى انتبه إليه.. في يوم من أيام شهره الثالث.. وضعته على صدري لإرضاعه.. أحسست بوخزة صغيرة.. حلوة.. استغربت.. أبعدته عن صدري وأنا أظن أن الأمر قد لا يكون غير إحساس كاذب.. ابتسمت في وجهه.. رفع يمناه وراح يداعب خدي.. ناغيته وعدت فوضعته على صدري لأكمل إرضاعه.. بعد لحظة من الزمن قصيرة.. شعرت بالوخزة ذاتها.. أبعدته عن صدري وأنا أبتسم لـه.. أشرقت عيناه.. فكرت ما الذي يجري.. وما سر تلك الوخزات.. وضعت سبابتي برفق بين شفتيه.. تلمست لثته العليا.. وإذا بي ألمس سنين صغيرين وقد شقا اللثة.. دهشت.. ففي الشهر الثالث لا تطلع الأسنان.. لم أصدق بادئ ذي بدء.. أخرجت سبابتي من بين شفتيه.. أبعدت شفته العليا.. وإذا بي أرى سنين صغيرين يتلألأن في فمه ابتسم.. التمعت عيناه.. ربما كان يظن أنني كنت أداعبه.. أكملت رضاعته وأنا ما أزال مبهورة وغير مصدقة ما أرى.. حين عاد والده ظهراً.. أخبرته بما اكتشفت.. قال: ((إن هذا غير ممكن.. أبداً.. إنك تمزحين..)) قلت له: ((حسناً.. تستطيع أنت أن تتأكد من ذلك بنفسك..)) وحين رأى السنين الصغيرين دهش.. هو كذلك غير مصدق
لما رأى..


في السنة الثانية من عمره حدث أمر أكثر غرابة وإثارةً للدهشة. كانت هناء تحاول حفظ قصيدة كانت مدرسة اللغة العربية قد طلبت من تلميذات صف هناء حفظها. وكانت هناء تكرر تلاوة القصيدة شِفاهاً كي تستظهرها.. وكنت أنا استمع إليها لأصحح ما قد ترتكبه من أخطاء.. ولكي أرى إن كانت قد حفظت القصيدة بصورة جيدة.. كان سعد يجلس بجانبي ويتطلع في وجه هناء وكأنه غائب عن الوجود.. وحين تتوقف هناء عن تلاوة القصيدة.. يبدو وكأنه قد استعاد ذاته.. يمد يده إلى كتبها المنثورة على المنضدة.. يلمسها بأطراف أصابعه كما لو كان يريد أن يكتشف ماهيتها أو ما قد تنطوي عليه من أسرار.. بعد أن كررت هناء تلاوة القصيدة بضع مرات وصححتُ ما بها من أخطاء.. طلبت منها أن تلقي القصيدة للمرة الأخيرة.. وقبل أن تتفوه هناء بكلمة واحدة.. إذ بسعد يطلق كلمات مبعثرة بلهجته الطفولية المحببة.. في البدء.. لم ندرك.. لا هناء ولا أنا معنى تلك الكلمات.. وبغتة هبت هناء من معقدها وقد فتحت عينيها على وسعهما، وصاحت: ((ماما.. إنه يقرأ القصيدة!)) تَنَصَّتُ إليه بإمعان وأدركت أنه كان حقاً يردد كلمات القصيدة.. ((ثوت.. ثفير.. بل.. بل..)).. المقصود.. ((صوت صفير البلبل..))! فغرت فاهي مستغربة.. ضحكت هناء غير مصدقة.. احتضنته.. ضممته إلى صدري وأنا أردد.. ((ليحفظك الله يا سعد.. يا حبيبي.. ليحفظك الله)) وتذكرت كلمات أم طارق: ((إنه سيمسك القمر بكفيه..))
رويت هذه الأعجوبة لوالده، بعد أن عاد من العمل.. قال لي:
ـ أنت تحلمين ولا شك.. إنه بالكاد يتلفظ بابا.. ماما.. فكيف
يحفظ شعراً..
ـ حسناً.. اختبره أنت..
كان سعد نائماً.. وحين أفاق.. حملته إلى الصالة حيث كنا نشاهد فيلماً تلفزيونياً.. وضعته في حضن أبيه.. وقلت له.. هيا.. اختبره أنت بنفسك.. ثم قلت لسعد..
ـ سعد حبيبي.. قل لنا الكلمات التي تعلمتها من هناء.. هيا.. هيا.. في البداية.. ظل يتطلع في وجهي وقد تدلت شفته السفلى.. ومن مكانها.. قالت هناء: ((صوت صفير...)) وإذا بسعد يردد: ((ثوت.. ثفير.. بل.. بل..)) فغر رائد فاهُ وقال:
ـ غير معقول.. غير ممكن.. إنه ما يزال في سنته الثانية.. إن ابنك هذا غير طبيعي.. ويجب أن تعامليه وفقاً لوضعه هذا.. عليك أن تدرسي حالته جيداً.. لتقدمي لـه ما هو بحاجة إليه من الرعاية والاهتمام..
ـ أكيد.. سأفعل كل شيء يمكن أن يساعد في الكشف عن إمكانياته ومواهبه.. وبالتالي.. صقلها وتنميتها.. أتدري يا رائد.. أحياناً ترد في رأسي أفكار تصور لي سعداً وقد أصبح عالماً شهيراً.. أو شخصية أدبية كبيرة.. أو مهندساً معمارياً فذاً لا يقل عبقرية عن ((كوربوزييه)) أو فناناً يشار إليه بالبنان.. أو رساماً كفائق حسن..
ـ ليس هذا ببعيد.. علينا نحن أن نفعل كل ما نقدر عليه من أجل أن نتكشف ما لديه من مواهب وقدرات كامنة..
ـ ويا ليته يسير في الطريق التي سرت فيها أنت فيصبح مهندساً لتساعده في تجاوز ما قد يواجهه من عقبات..
ـ إن هذا الأمر متروك له.. هو وحده سيختار ما يريد.. ولا تنسي أن العقبات أو المصاعب التي تنشأ في الطريق هي التي تنمي الأفكار وبالتالي تساعد على إيجاد الحلول..
ـ صحيح.. ولكن ألن تساعده؟!
ـ طبعاً.. طبعاً.. سوف أساعده في كيفية تجاوز الصعاب.. ولكن حين يواجه مشكلة ما في عمله.. سأدعه يبحث هو بنفسه عن الحل.. فبهذه الطريقة وحدها يمكن أن يطور عمله وذهنه نحو مرحلة أعلى.. ولكن.. اسمعي.. لِمَ نحن نناقش شيئاً لم يحصل بعد؟!
ضحكت سميرة.. هزت رأسها بمرح وقالت:
ـ أنت على حق.. لكني أفكر أحياناً بمستقبل هناء وسعد..
ماذا سيختاران.. ماذا سيفعلان.. وكيف سيعيشان..



في ظهيرة يوم يبشر بمجيء الربيع.. وكان سعد في الثالثة والنصف
أو الرابعة من عمره.. لا أتذكر تماماً.. كانت السماء شبه صاحية.. والشمس تختال في كبدها فتبدو في كامل عنفوانها حيناً. وتلوح، حيناً آخر، من وراء غيوم فضية شفيفة.. وندفٍ ثلجية تسبح في الفضاء.. وتسرى مع مسراها على الأرض ظلال تلك الغمائم.. كان ذاك منظراً بهياً يشرح الصدور ويزيح عن القلوب ما فيها من هموم..
كان رائد وهناء يحبان تناول شاي بعد الظهر في الحديقة وخاصة حين تكون السماء نصف صاحية.. ونصف غائمة.. فيتراكض سعد وهناء وراء ظلال الغيوم على العشب الزمردي الخضرة.. ويتابعان ما يتولد عن حركة السحب من أشكال عجيبة.. جبال شم تحتفى بجلالها وهي تتهادى في العلا.. تزاحمها شلالات من نور.. وجوهٌ طفلة.. وأخرى هرمة.. ضاحكة أو باكية كامرأة بيكاسو.. حيوانات أسطورية بسيقان سبع أو ذيول طاووسية.. أو ثيران مجنحة.. تلتمع معها في الذاكرة نقوش سومرية.. بابلية.. آشورية..
أو فرعونية.. تتشكل لتمحي بعد آن.. مفسحة السماء لصورة آسرة
ترسمها الريح..
كان سعد وهناء يتنافسان في تشخيص تلك الأشكال.. وكان سعد دوماً أسبق من هناء وأكثر قدرة على الابتكار والتصور.. فيقول باندهاش:
ـ ماما.. انظري.. تلك غزالة تقفز في السماء.. وهذه حمامة.. وذاك طفل يبكي..
أترين دموعه..
ويحاول الإمساك بظلالهم على الأرض.. غير أنها سرعان ما تنزلق من بين يديه إذ تتخذ أشكالاً جديدة.. وتضيع عليه فرصة الإمساك بها..



في ظهيرة يوم لاحق.. كانت هناء قد وضعت بعضاً من كتبها وأقلامها ودفاترها على المنضدة لتتابع دروسها بعد تناول الشاي.. وبغتة انتبهت لسعد.. كان قد تناولها كتاب اللغة العربية.. فتحه على صفحة ما.. كيفما اتفق.. انتبهت هناء لما كان يجري وقفزت من مقعدها وهي تصيح: ((ماما.. سيمزق كتابي)).. واندفعت نحوه لتستعيد الكتاب.. لكنها وقفت مبهورة وهي تقول وقد أخذها العجب:
ـ ماما.. إنه يكتب..
ـ غير معقول.. غير معقول..
قلت ذلك ونهضت لأرى ما يجري.. واكتشفت وأنا غير مصدقة ما أرى.. ففد راح سعد يرسم الحروف التي يراها، على كل فراغ موجود على الصفحة.. والغريب إن ما كان يرسمه كان صحيحاً وإن كان مشوشاً وغير مستقيم.. لكن هناء راحت تولول وتدق الأرض بقدمها.. وتصرخ ((ماذا صنعت بكتابي؟)).. استعدت الكتاب منه وقلت لها:
ـ كفي يا هناء.. امسحي ما فعله بالممحاة وأعطه ورقة وقلماً ليرسم
ما يشاء..
وراح سعد يرسم كما لو كان رساماً محترفاً.. يرفع رأسه إلى السماء.. يتطلع فيها بإمعان.. ينحني على ورقته.. ويرسم عليها ما يظنه رسماً حقيقياً وهو يردد.. ((هذه غزالة.. هذه حمامة.. وهذه سمكة تسبح في الماء..))
في اليوم اللاحق.. جلب رائد كراسة للخط العربي المبسط ودزينة من الأقلام الملونة.. أعطاها لسعد.. وقال له:
ـ الآن يا سعد.. تستطيع أن ترسم ما تشاء من الحرف.. وعلى هذه الأوراق.. ارسم ما بدا لك.. من غزلان وحمائم.. وحين بلغ سعد الخامسة من العمر.. أو تجاوزها قليلاً.. كان يجيد كتابة الحروف العربية ويجيد تلفظها.. كما كان يجيد كتابة وقراءة الحروف الإنكليزية.. وحين سافرنا إلى إنكلترا.. كان سعد يستطيع أن يقرأ عناوين المحال التجارية والإعلانات البراقة في شوارع لندن..



كان سعد في الرابعة والنصف حين تزوج رياض ابن عمتي.. وفي ليلة "الحنة"" اصطحبت معي هناء وسعداً لحضور الحفل.. كان الأطفال الذين جاءوا برفقة أمهاتهم إلى الحفل يكادون يطيرون فرحاً.. حين راحت لُمى، شقيقة خطيبة رياض، تضع أقراصاً من الحناء براحات أيديهم.. كان سعد يقف إلى

جرح الأيام
11:41 - 11/12

جانبها مبهوراً.. كان أصغر الأولاد سناً.. سحبته لُمى من يده بلطف.. ودون أن يدري ما الذي سيحدث.. بسطت كفه ووضعت قرصاً من الحناء في راحة يده.. وهي تقول لـه ممازحة: ((إن كفك هذه ستفتح أبواب الجنة)).. ابتعد عنها سعد باسطاً يده.. ثم انزوى في ركن قصي.. بعد مضي بعض الوقت افتقدته.. ورحت أبحث عنه حتى وجدته منزوياً وهو يبكي بصمت..
ـ ما بك يا سعد؟
ـ أأنا بنت لتضع الحناء بيدي؟
ـ لا بأس.. لا بأس.. يا حبيبي.. سأزيلها الآن.. من راحة يدك..
وأزلت الحناء بمنديل ورقي..



اعتاد العم فؤاد وزوجته نائلة.. وبناته الثلاث أن يقضوا ظهيرة يوم الخميس من كل أسبوع معنا.. ومنذ الصباح الباكر.. وقبل أن أذهب إلى عملي.. كنت أعد ((مائدة الخميس)) كما كان يسميها رائد مازحاً.. كان العم فؤاد.. كما كنا نسميه جميعاً، بمن فينا زوجته وبناته ـ لا يكف عن إمتاعنا.. أثناء تناول الطعام.. بحكايات حلوة عن الماضي السعيد.. تتخللها نكات ذكية لم يسمع بها أحد من قبل.. كنا نغرق في ضحك يكاد لا يتوقف.. وكنا نطلق على نكاته تلك صفة ((الطازجة)) لأنه هو الذي يبتكرها.. كانت زوجته نائلة تمازحه وتقول:
ـ أتدري يا عم فؤاد أنك تصر على إسماعنا نكاتك الجميلة كي نموت من الضحك.. وتقوم أنت وحدك بالتهام الطعام..
ـ لا.. لا والله.. ما قصدت هذا.. فقط أريد أن أجعل حياتكم جميلة ومليئة بالسعادة..
ـ لهذا السبب فقط؟
قالت نائلة مازحة.. وأضافت:
ـ ألست أنت من يقول إن ((مائدة الخميس)) أشهى مائدة.. وإنني أنا لا أجيد حتى إعداد طبق من البطاطا المسلوقة؟!
ضحكنا جميعاً فيما أكملت نائلة:
ـ وإن يوم الخميس هو أسعد أيام الأسبوع؟!
ـ أجل كنت أقول هذا.. ليس من أجل الأكل.. ولكن لأن يوم الخميس هو يوم لقاء العائلة.. والتئام شملها.. كما يقال..
بعد أن ننتهي من تناول الغداء.. تشرع البنات الثلاث وهناء بتنظيف المائدة وغسل الأطباق وإعداد الشاي.. أما أنا ونائلة فكنا نعتني بزهور الحديقة وتشذيب ما أصابه اليبس من الأغصان.. أو نقوم بنقل بعض النباتات من موضع لآخر.. حسب المواسم.. وينهمك رائد وفؤاد بلعبة الشطرنج.. كان سعد يجلس بجانبهما.. يراقب.. ويتابع نقلات البيادق.. كان ينغمس بكل كيانه في رقعة الشطرنج.. أحياناً كان يقترح على أبيه أو على العم فؤاد هذه النقلة أو تلك.. حين يبدو أن ثمة حركة مستعصية.. والغريب أن ما كان يقترحه، يأتي صائباً ويحل عقدة.. في أغلب الأحوال.. حتى جاء يوم كان العم فؤاد يفكر كيف يحقق نقلة تقطع أنفاس ملك أخيه.. كان الأمر يبدو عسيراً وعلى شيء من التعقيد.. مضت عشر دقائق وهو يبحث في ذهنه كل الحركات المحتملة.. دون أن يتوصل إلى الحركة الصحيحة.. وإذا بسعد يقول ببساطة متناهية:
ـ عمو.. تريد تقتل ملك بابا؟
وأشار بإصبعه إلى البيدق الذي يستطيع ذلك..
ـ إنه الحصان.. ضعه هنا.. عمو لا تخاف.. مهما فعل بابا فإنه لا يستطيع الخلاص.. ثم انقله هنا.. فتقتل الملك!
وهنا قال رائد..
ـ سعد. أ أنت معي أم مع العم فؤاد؟
ـ بابا.. أنت ما تعرف تلعب.. عمو فؤاد يلعب أحسن منك..
وكان ما اقترحه سعد الصواب بعينيه.. فبتلك الحركتين ((مات الملك))..
قال العم فؤاد:
ـ سعد.. حبيبي أنت.. لك عليّ علبة نستلة..
احتضنه وقبله من جبينه.. فقال رائد بين مازح ومغتم:
ـ ((زين سعد.. بعد ماكو نساتل.. خلي عمو فؤاد يجيب لك نساتل.. آني.. بعد ما أجيب)).
وضحك الأخوان.. رائد وفؤاد.
كان سعد آنذاك في حوالي الخامسة من العمر..



كان سعد يمتلك موهبة تثير الدهشة على التآلف مع الحيوانات.. كانت قدرته تلك أقرب إلى قدرة النساك والعابدين الزاهدين الذين يعيشون في الغابات والبراري مع حيوانات البر.. بعيداً عن البشر.. كان يذكرني بقدرة أنكيدو على العيش مع الحيوانات قبل غوايته وفقدانه، بعد ذلك، لتلك القدرة العجيبة..
مرة طلبت من العم فؤاد أن يستبدل الحبال المهترئة في السطح.. بحبال جديدة لنشر الغسيل.. ومثلما هي طبيعة الأطفال الفضولية.. ولتعلق سعد بالعم فؤاد.. رافقه إلى السطح للتفرج على تلك العملية التي بدت لـه ـ ربما أغرب من الخيال.. بعد دقائق قليلة هبط سعد السلالم مسرعاً والفرحة تملأ كل جوانحه.. حتى إنه كاد يسقط من السلم لولا أن أسرعت هناء لتمسك به.. كان يحتضن طيراً أبيض اللون جميلاً.. قلت له:
ـ ما هذا يا سعد؟
ـ إنها حمامة بيضاء..
ـ أعلم أنها حمامة.. ولكن من أين جئت بها؟
ـ هي جاءت.. كانت تقف على شبكة التلفزيون.. وقفت أنا تحتها.. مددت لها يدي.. فطارت في السماء.. دارت دورتين أو ثلاثاً.. حطت بعدها على سعفة النخلة..
ـ وماذا بعد؟ سألت هناء:
ـ بقيتْ هناك لحظات ثم طارت من جديد.. دارت حول رأسي.. وكنت أنا أدور معها.. وإذا بها، بعد لحظة، تندفع نحوي وتقف على يدي.. كان قلبها يدق بسرعة.. فرحت أُمسِّد ظهرها ورأسها.. وضعتها على خدي فبدأ
قلبها يهدأ...
منذ ذلك اليوم والحمامة البيضاء لا تفارقه أبداً.. حتى إننا لم نحاول أن نضعها في قفص لمنعها من مغادرتنا والعودة إلى سمائها.. وحين يكون سعد في المدرسة.. تقف طيلة الوقت عند حافة منضدة جانبية يقف عليها بشموخ تمثال صغير لحصان عربي أصيل.. وحين يعود من المدرسة ترفرف بجناحيها.. وما إن يقترب منها حتى تطير نحوه فرحة لتتناول الحب من يده.. يعلو هديلها وكأنها صبية عاشقة يبرحها الشوق فتروح تشدو لتفرغ ما في قلبها من لواعج الهوى.. وتلاحق سعداً أينما ذهب.. تسير إن سار.. وتحط بالقرب منه إن جلس.. وهديلها يملأ البيت سحراً.. وفي الليل تغفو قرب الحصان العربي...



في يوم من أيام الجمع.. كنا نحتفل بعيد ميلاده العاشر.. جاء العم فؤاد وهو يحمل سلة من سعف النخيل وقد برز منها رأس غزالة صغير.. لم يكن عمرها، كما قدرنا ذلك، يزيد على بضعة أسابيع.. اندفعنا كلنا فرحين لمجيء هذه الضيفة الحلوة.. قال العم فؤاد إنه اشتراها من سوق الغزل هدية عيد الميلاد.. وأخرج الغزالة الصغيرة من السلة.. داعبها قليلاً ثم قال لسعد:
ـ سعد.. تعالى اجلس هنا..
ووضع الغزالة الصغيرة في حضنه.. راح سعد يداعب الغزالة الصغيرة.. ويمسَِّد رأسها ووجهها وهي تتطلع في وجهه بعيونها السود الكحيلة.. كأنها عاشقة أضناها العشق من ألف عام.. ومنذ ذلك اليوم عقدت صداقة غريبة بين الثلاثة: سعد.. الحمامة البيضاء.. والغزالة ذات العيون السود الكحيلة.. التي تتبع سعداً أينما ذهب.. تسير معه إن سار.. وتقف حيثما يقف.. وكأنها تعطي بذلك إشارة للحمامة البيضاء أن تلحق بهما.. هكذا.. كان يتحرك هذا الموكب الثلاثي في أرجاء البيت وفي حديقة الدار...
سأل سعد يوماً:
ـ ماما.. ماذا نسمي هذه الغزالة؟
ـ إنها رشا.. هذا هو اسم صغار الغزال.. فلنسمها رشا..
بهت سعد مستغرباً.. صمت لحظة ثم قال:
ـ هذا اسم ابنة خالتي أحلام!!
ـ أجل.. هو كذلك..
سافر بعيداً.. رفع وجهه إلى السماء ليحول دون دمعة فاضت من عينيه.. ثم قال:
ـ لنسمها رشا ذات العيون السود.. لأن رشا ابنة خالتي كانت
عيونها زرق..
ـ وهو كذلك..
ومنذ ذلك اليوم.. صار اسمها رشا ذات العيون السود..
كان سعد حين يذهب إلى سريره لينام.. يأخذ رشا معه إلى السرير.. رغم معارضتنا.. كان يقول إنها تنام عند قدميه.. وكانت فعلاً تنام عند قدميه بعد أن تداعبه وكأنها تستعيض به عن أمها التي فقدتها.. كان يضعها في حجره فتتشمم يده.. ترفع رأسه وتشم وجهه.. تهز رأسها وتدفع به إلى صدره.. تريد اختراقه لتستقر في قلبه كطفل مدلل.. في الأيام الأولى من مجيئها، كان سعد يرضعها من زجاجة للحليب.. وإذا ما جاعت، ولم يكن سعد موجوداً.. ترفض تناول الحليب من يد هناء.. وتظل نائمة في السلة... وما إن تسمع صوت سعد بعد أن يعود من المدرسة.. حتى تهب.. ترفع رأسها متطلعة ثم تقفز من سلتها لتندفع نحوه.. تتشمم ساقه.. ملابسه.. ترفع رأسها إليه وكأنها تقول له: ((لقد افتقدتك.. ألا ترفعني..)).. ويرفعها سعد.. يحتضنها ويقبلها.. ثم يضعها في سلتها ليأتي بزجاجة الحليب.. تتلقفها بفمها وتبدأ بامتصاص الحليب.. كما يفعل الأطفال من بني البشر...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أكمام الورد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.omaralmulki.mam9.com :: `*:•. ][الثقافة العامة][.•:*¨` :: قسم القصص والـــروايــــات-
انتقل الى:  

 المواضيع الأخيرة

 
<div style="background-color: #0ac6ff;"><a href="http://www.rsspump.com/?web_widget/rss_widget/twitter_widget" title="web widget">Twitter Widget</a></div>

أكمام الورد ?size=468x60
 
 

 نعتذر عن حذف وايقاف اي عضو يستخدم بريد وهمي او غير صحيح او اسم غير لائق على ذلك جرى التنبيه

๑۩۞۩๑ ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى ๑۩۞۩๑

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات OMARALMULKI
 Powered by
®OMARALMULKI
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010



أقسام المنتدى
..::: صور منوعة:::.. @ قسم الألعاب @ برامج الكمبيوتر @ قسم الاجهزة الخلوية @ مقاطع الفيديو @ قسم النكت والطرائف @ قسم المسابقات والالغاز @ قسم المصارعة WWE @ قسم غرائب وعجائب @ قسم الفوتوشوب والجرافيك @ الدروس والشروحات @ قسم الانمي العام @ قسم الماسنجر والتوبيكات @ قسم السفر والسياحة @ عالم السيارات @ قسم الحيوانات @ معلومات عامة @ القسم العام @ قسم الأغاني العربية @ قسم الأغاني الاجنبية @ قسم الأفلام العربية @ قسم الأفلام الاجنبية @ قسم أفلام الكرتون @ قسم المسلسلات @ اخبار الفنانين والفنانات @ القسم الاسلامي @ الخيمة الرمضانية @ قسم القصص والـــروايــــات @ قسم الشعر والتراث الأدبي @ قسم العلوم والتكنولوجيا @ قسم اللغة الانجليزية @ قسم اللغة العربية @ القسم الطبي @ قسم اللياقة والرشاقة @ قسم المطبخ والمأكولات @ قسم الديكور والاثاث @ قسم الجمال والمكياج @ قسم الموضة والازياء @ عالم حواء @ عالم ادم @ رابطة محبي السيدة فيروز @ رابطة محبي عمرو دياب @ رابطة محبي تامر حسني @ رابطة محبي محمد حماقي @ رابطة محبي نانسي عجرم @ رابطة محبي مايكل جاكسون @ أخبار الرياضة @ قسم الدوريات العالمية @ قسم الفيديو الرياضي @ رابطة عشاق ريال مدريد @ رابطة عشاق برشلونة @ رابطة عشاق الاهلي المصري @ رابطة عشاق الزمالك المصري @ رابطة عشاق الفيصلي الأردني @ رابطة عشاق الوحدات الأردني @ قسم كأس العالم 2010 @ قسم باتشات لعبة pes6 @ قسم باتشات pes 2008 @ قسم باتشات pes 2009 @ قسم باتشات pes 2010 @ قسم باتشات pes 2011 @ قسم الأسئلة وطلبات الباتشات @ دروس الباتشات والأوبشن فايل @ قسم باتشات FIFA 2006 @ قسم باتشات FIFA 2007 @ قسم باتشات FIFA 2008 @ قسم باتشات FIFA 2009 @ قسم باتشات FIFA 2010 @ قسم باتشات FIFA 2011 @ قسم باتشات الالعاب الاخرى @ باتشات والعاب XBOX-PS3-PSP-WII @ باتشات جميع اصدارات Counter Strike @ برامج غش جميع اصدارات Counter Strike @ سيرفرات جميع اصدارات Counter Strike @ ورشة تصميم الواجهات @ ورشة تصميم البانيرات و الاعلانات @ ورشة تصميم الأزرار @ ورشة تصميم الرتب و الأوسمة @ ورشة التصاميم الأخرى @ قسم دروس التصميم @ أكواد HTML @ الأكواد الإنسيابية CSS @ أكواد التومبلايت @ مجلس الادارة @ ملتقى الأعضاء @ قسم الاقتراحات والشكاوي @ اخبار المنتدى @ @ خدمات و عروض حصرية @ ..::: سلة المهملات :::.. @