كنت أظن إلى وقت قريب أن الحذر لدى بعض المسلمين من مسألة الإعجاز العددي والتردد في قبول هذا الوجه من الإعجاز والذي يصل عند بعض مشايخنا – حفظهم الله – إلى حد رفضه جملة وتفصيلا ، سببهالوحيد هو الحرص على القرآن والخوف عليه. ورغم أنني اتخذ موقفا مناقضا لهذه الفئة فإنني كنت اختلق لهم العذر في موقفهم هذا ، فهذا الوجه من الإعجاز جديد ومازال الباحثون فيه في أول الطريق ، فلا بأس من التردد قليلا حتى تصبح الأمور اكثر وضوحا .
إلى أن جمعني اللقاء بأحدهم عبر موقع على الإنترنت ، نموذجا لهذه الفئةالتي تظن أن ما لديها هو الصواب وما لدي غيرها هو الخطأ ، وأنها الوحيدة القادرةعلى فهم كل ما له علاقة بالقرآن ، وصاحبة الحق في الإفتاء ومعرفة الخطا من الصواب والحلال من الحرام ، أما بقية الناس فهم العامة والجهلاء المحرومون من المعرفة ،ولا نجاة لهم إلا بالانقياد وراء هذه الفئة التي أكرمها الله بقدرات خارقة عجيبة تستوجب الأخذ عنها والطاعة المطلقة .
هذا النموذج يذكرني بأولئك الذين مازالوايفتون - حتى اليوم - بتحريم التصوير في الإسلام ويحشدون للرد على من يخالفهم عشرا ت الأحاديث غيرعابئين بظروف العصر ومتغيراته ، غير مدركين ان سلاح المعركة الحالي هو سلاح التصويرالذي يصرون على حرمته ( متجاهلين قوله تعالى : واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل : رباط الخيل كان فرسا وسيفا واليوم صار صاروخا وقمرا صناعيا ) ، لقد صار في وسع الفرد العادي ان يشاهد بيته على جهاز الكمبيوتر ، وكل ما يدب على الأرض، وكل ذلك تحت اعين الأقمار الصناعية . كتبت قبل عشر سنوات مقالة كان عنوانها :التصوير ليس حراما في الإسلام بل واجبا .. ووجدت نفسي في معركة ، مع من ؟ مع هؤلاءالذين لا يريدون مغادرة القرن السابع الميلادي ، وتتكرر الحالة بصورة جديدة : أناأقول أن ترتيب سور وآيات القرآن هو ترتيب رياضي وبالتالي يدخل في دائرة الإعجازالعددي في القرآن ، ولعل ترتيب القرآن هو الجانب الوحيد في الاعجاز العددي الذي يملك الأدلة الكافية على وجوده ، ورغم كل ذلك فهناك فئة من المسلمين جاهزة دائما لمحاربة كل جديد لا لشيء اللهم لأنه يخالف راسخا لديها او انه جاء عن غير طريفها ....
هذه الفئة لا ترى في الإعجاز العددي جملة وتفصيلا غير الجرأة واعظم الفرى على كتاب الله والسفسطة والتكلف وأخيرا " الحيل الرياضية " ..
في هذه المقالة أضع بين أيدي المفكرين والعلماء فكرة عامة عن " معادلتي الترتيب القرآني "ويا ليت من يقرأ هذه المقالة أن يتصل بي ويخبرني :هل ما سأذكره هنا هو نوع من الحيل الرياضية ؟ هل هو- حسب زعمهم - تكلف أو سفسطة أو خيال ؟ هل هو افتراء ؟ وإذا كان هذا هو الموجود في المصحف الذي بين أيدينا فعلا ، فهل يصح وصفه بالحيل الرياضية ونسبته للباحث ؟ هل كان دور الباحث غير الملاحظة فالاكتشاف ، أم انه شارك في التخطيط لهذا الترتيب؟
تمهيد :
ماذا نعني بمعادلتي الترتيب القرآني ؟
اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون عدد سور القرآن الكريم : 114 سورة لا غير , هذا العدد دون سواه , ليس 113 أو 115 أوغير ذلك .
هل يخفي هذا الاختيار للعدد 114 سرا ما ؟ حكمة , هدفا , قصدا ؟
إن أول الملاحظات التي نقف عليها إذا تدبرنا العدد 114 هي ما نلاحظه في خصائص هذاالعدد :
- فالعدد 114 = 19 × 6 ( يتألف من ست مجموعات , عدد الوحدات في كل مجموعة : 19 ) ... وهذه هي المعادلة الأولى .
- ويتألف العدد 114 من مجموعتين من الأعداد :
57 عددا زوجيا ( 2 – 4 – 6 – 8 .... 114 ) ( تتوزع الأعداد الزوجيةفي مجموعتين : 28 عددا في النصف الأول من القرآن + 29 عددا في النصف الثاني )
57 عددا فرديا ( 1 – 3 – 5 – 7 .... 113 ) ( تتوزع الأعداد الفردية في مجموعتين: 29 عددا في النصف الأول من القرآن + 28 عددا في النصف الثاني )
: العدد 57 =19 × 3 ... وهذه هي المعادلة الثانية .
نلاحظ أن المعادلة الأولى تتألف من الأرقام : 9 – 10 – 6 .
ونلاحظ أن المعادلة الثانية تتألف من الأرقام : 9 – 10 – 3 .
الرقم 9 : أكبر الأرقام
العدد 10 : أصغر الأعداد
الرقم 6 : هو مجموع أرقام الأساس الثلاثة 1+2+3 وهو حاصل ضرب : 1×2×3 , ويرتبط في القرآن بموضوع خلق السماوات والأرض ... كما أن الرقم 6 هو مجموع الأرقام في العدد 114 ( 4+1 +1 )
الرقم 3 : هو أول عملية جمع ( 1 + 2 : والشفع والوتر -قانون الزوجية )
بعيدا عن التطويل والشرح : نخرج من هذه الملاحظات الخاطفة بأن هذه الأرقام تمثل الأعداد كافة , وأن العدد 114 عدد مميز يتفرد بخصائص مميزة .
السؤال هنا : كيف استخدم القرآن هذه الأرقـام والأعداد في المعادلتين وشكل منها البناء الرياضي ( الترتيب ) لسور القرآن وآياته ؟